-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
حتى لدى بعض الزملاء الإعلاميين، وليس مدير عام المرور وحسب، فإن انتقادك للمرور يعني أنك ضد ساهر أي (أنتي ساهر) أو أنك مع من يتجاوز السرعة المحددة ويتسبب في الحوادث، إدارة المرور استغلت هذه الخاصية بذكاء شديد فأصبحت تحول كل انتقاد لعدم وجود أفرادها على الميدان لرصد مخالفات أخرى ومنع أسباب الحوادث الأخرى غير السرعة، تحوله إلى اختلاف حول ساهر، تماما مثلما تحول وزارة الصحة النقاش حول عدم توفير سرير لعلاج مرض عضال مميت إلى نقاش حول عدم وعي المواطن بأهمية المراكز الصحية الأولية.
نقولها للمرة المليون نحن مع تطبيق تقنية (ساهر) كآلية لرصد مخالفة السرعة والمعاقبة عليها، لكننا ضد أن (يشغل) المرور ساهرا و (يطفئ) آلية الرصد البشرية لمخالفات لا تقل خطورتها عن السرعة أو تزيد.

مراهق ينحرف بسيارته فجأة من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين في طريق سريع ليخيف كل من في المسارات الأخرى ويربكهم ويتسبب في وقوفهم المفاجئ ثم حدوث تصادم جماعي ووفيات بالجملة ويخرج هو من كل هذا ويواصل مسيرته دون رصد!!، هذه مخالفة شائعة على كل الطرق السريعة نظاما ولا يرصدها ساهر ولا توجد دورية مرور لرصدها!!.
معاكسة اتجاه السير (عيني عينك) تحدث باستمرار وتستفز السائقين وتتسبب في انحراف مركبات نظامية وحدوث حوادث مميتة ولا يتم رصدها!!، وسير مركبة في وضح النهار بدون لوحة أرقام ولمسافات كبيرة ومشاوير طويلة أمر لا ينم عن مراقبة مرورية بآلية بشرية!!، وقيادة مخمور للسيارة وترنحها معه دون أن يوقف وقتله لستة أبرياء دفعة واحدة تدل على غياب الرقابة المرورية.
نحن يا سعادة اللواء مدير المرور، نقدر ما بذل من جهود في مسايرة الدول المتقدمة بتطبيق آلية (ساهر) لكننا نريد أن نكون مثلهم في الوجود الفوري عند مخالفة كل أنظمة السير، تلك المخالفات التي جعلت دراسة الدكتور سعود التركي (أبرع جراح للأوعية الدموية في المنطقة العربية وأخلص مدرب متطوع على التعاطي مع الحوادث) تؤكد أن الوفيات من الحوادث لم تنخفض بتطبيق ساهر!!.
بالمناسبة، الشباب الذين ظهروا في تقرير برنامج (الثامنة) مع داوود يشتكون من أنهم دفعوا من عشرة آلاف ريال إلى عشرين ألفا كغرامات لساهر إنما يدينون أنفسهم بتكرار المخالفة واستهتارهم الشديد، لكنهم أيضا يثيرون سؤالا هاما: كم من المخالفات القاتلة الأخرى ارتكبوها ولم يرصدها المرور؟!.